Sunday, June 5, 2016

الفتنة: بقلم: محمد شريف كامل


الفتنة

بقلم: محمد شريف كامل*
@mskamel
30 مايو 2016

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=608032862693000&id=207616919401265&substory_index=0



تعمد الانظمة، الديمقراطيه وغيرها لتوجيه أنظار الشعوب لأمور تلهيهم عن حقيقة ما يدور حولهم، وتتفوق النظم الديكتاتورية ومروجي الحقد والكراهيه في ذلك، لفقدانهم للقيم فهم قادرون على ايجاد وسائل لإلهاء الشعب بل وتقسيمه وتقوية النعرات الفئوية والطائفيه.
عادة ما تتنبه الشعوب لذلك إلا في الحالات التي تتحول فيها النعرة الطائفيه الى إحتقان طائفي، عندها يصبح الرجوع عنها من أشق الامور بل وقد يصل إلى نقطة اللا عودة. والعالم مليئ بالامثلة التي تطورات فيها النعرات الطائفيه الجاهلة الى إحتقان ثم إقتتال يؤدي إلى تصفيه عرقيه، وليست البوسنه وروندا ولبنان والعراق ببعيدة عن ذلك.
وعادة ما تنشأ  تلك الفتن عن أسباب أتفه مما نتخيل، بل وأكثرها يعتمد على شائعات لا أساس لها من الصحة، تأججها وترددها اجهزة إعلام تلك الانظمه والفئات المدسوسة لاشعال الفتن، وهو ما يعرف بسياسة "فرق تسد"، وقد تألق الاستعمار البريطاني في ذلك الفن ويعلم الجميع ما حدث في الهند من إشعال فتنة لم تنم حتى اليوم بين المسلمين والهندوس.
ولم تسلم مصر من ذلك الوباء الذي دسه ذات الاستعمار، البريطاني، لافشال ثورة ١٩، إلا إن الشعب نجح في إبطال مفعولها، وتوحد تحت الشعار القوي الذي مثل ضربة قوية لألاعيب المستعمر، "عاش إتحاد الهلال مع الصليب".
وعادت ذات اللعبة لتطل برأسها في ظل حكم السادات بهدف إنجاح تمرير إتفاقية كامب دافيد، وبدأت الفتنه بتأجيج الصراع السياسي، فبدأ بالسعي لتصفية اليسار ومصالحة التيارات الاسلاميه، حتى حانت الفرصة وأجج أزمة بدأت محدودة أو مفتعلة بين جيران مسلمين ومسيحيين فيما عرف بأحداث الزاوية الحمراء، ومنذ تلك اللحظه وحتى وقتنا هذا، كلما أراد النظام الاستعبادي في مصر ان يتمكن من تمرير أمر ما أو إحكام قبضته بشكل اقوى على الأمور أطلق أحد ألاعيبه مستخدما إعلامه.
وتتجلى الجريمة بأوضح الأشكال في تطورات ما بعد ثورة ٢٥ يناير حيث سعى النظام ونجح في إقتلاع الوحده التي زرعتها الثورة، والتي مثلت ومازالت تمثل أكبر الاخطار على بقاء ذلك النظام ودولته ومموليه في الداخل والخارج، فأحداث ماسبيرو كانت محطة على هذا الطريق، وحرق الكنائس الذي بدأ في ذات التوقيت محطة أخرى، ثم إختلاق مشاكل عائليه يتبعها تهجير أسر، كانت جميعها خطوات تندرج تحت باب الجريمة المنظمة لضرب وحدة المجتع، بالايقاع بين أبناء الوطن، ثم إحداث الفتنه تمهيدا للدخول في مرحلة التطهير العرقي والتدخل الدولي تمهيدا للتقسيم، فيوجوسلافيا والسودان تجارب شاهدة على ذلك، واليوم العراق وسوريا واليمن وليبيا قد دخلوا بالفعل هذه المرحلة التعيسة، ومصر ليست ببعيدة عن ذلك.
تذكرت ذلك وانا اتابع احداث ما عرف بــ"تعرية سيدة المنيا"، التي صورها البعض على إنها اعتداء على أسرة أمنه، وصورها البعض الاخر على إنها حالة فضح علني وإهدار كرامة إمرأة، وأكد البعض أن ذلك لم يحدث من الأصل وما هي إلا إشاعات، ووفقا للروايات المختلفة فالمرأه المعتدى عليها مسيحيه والمعتدين مسلمين ولذا فهي، حدثت ام لم تحدث، هي مادة خصبه لتأجيج الصراع الطائفي، والعودة بالذاكرة لأكذوبة أن المسلمين أو الاسلامين هم الاعداء الحقيقيين للمسيحين وليست اسرائيل ولا النظام الديكتاتوري، بل أن ذلك النظام هو الوحيد القادر على حمايتهم.
وعلى الجانب الأخر وبدلا من ان يدرك المسلمين خطورة اللعبة ويتعاملون معها بحكمة، ينطلق الممثلون لشد آذر المسيحين وكأنها مشكلة دينية أو عيد ديني، والوقوف تحت مظلة النظام موجهين أسلحتهم الاعلاميه لاتهام الإسلام الاخر بذلك، والبعض الأخر يوجه سهامه للمسيحين لأنهم يكرهون المسلمين ويستغلون الموقف للحصول على حقوق لا يستحقوها

الا في الفتنه سقطوا؟
إن المخرج الوحيد من هذه المأساة التي يعيشها شعب مصر تحت الحكم الفاشي هو تطبيق القانون على الجميع وهذا ما تفتقده مصر ولا يمكن أن يحدث في ظل إنقلاب، لان الانقلاب في حد ذاته يمثل أكبر عملية إهدار للقانون، ولذا فانه مع إسقاط الانقلاب وعودة القانون  المتمثل في عودة الشرعيه، أول ما يجب علينا عمله هو تثبيت مفهوم المواطنه والمساواه للجميع أمام القانون، أليس هذا ما قامت من أجله الثوره، أليست هذه هى العدالة.

No comments:

Post a Comment