Friday, June 28, 2013

عبد الله الأشعل لـ «الشرق الأوسط»: إذا سقط مرسي يوم 30 يونيو ستدخل مصر في فوضى كبيرة


الأمين العام لمجلس حقوق الإنسان المصري يصرح بأن الإسلاميين لن يتركوا أحدا يجلس مكان الرئيس


القاهرة: صفاء عزب 

حذر الدكتور عبد الله الأشعل، الأمين العام لمجلس حقوق الإنسان المصري، مساعد وزير الخارجية الأسبق من مغبة السعي لإسقاط الرئيس محمد مرسي، مشيرا إلى أن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى فوضى كبيرة في مصر. وقال الأشعل في حوار مع «الشرق الأوسط» إنه إذا سقط مرسي يوم 30 يونيو (حزيران) الجاري، فإن أنصاره من التيار الإسلامي لن يتركوا أحدا يجلس مكانه على كرسي الرئاسة. وأضاف الأشعل أن المجلس العسكري كا.

وكشف الأشعل عن تشكيله تيارا جديدا يجمع كل المصريين بعيدا عن عنصر الدين والعقيدة سيخوض من خلاله الانتخابات البرلمانية المقبلة. كما أعرب عن موافقة المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر على وجود إشراف دولي على الانتخابات المصرية، مؤكدا أن ذلك سيكون في مصلحة المصريين.
وزار الأشعل أخيرا لندن حيث التقى أعضاء اتحاد المصريين في أوروبا، برئاسة الدكتور عصام عبد الصمد، كما أجرى محادثات في مجلس العموم البريطاني حول قضايا الساعة في مصر. وفيما يلي نص الحوار:
* ماذا تضمنت زيارتكم للندن أخيرا؟
- زيارتي للندن أخيرا تضمنت لقاء مفتوحا مع المهتمين بالشأن المصري والعربي في مجلس العموم البريطاني عرف نقاشا حول التجربة المصرية في إقامة حقوق الإنسان، وتلاه لقاء في جامعة لندن للحديث عن الأوضاع التي يمر بها المجتمع المصري بالإضافة إلى القضية الفلسطينية، والتأكيد على الالتزام المصري بمساعدة الفلسطينيين في إقامة دولتهم. كما تضمنت زيارتي أيضا لقاء في «تشاتام هاوس»، حيث تطرقت للأوضاع في مصر ووصول التيار الإسلامي للحكم، ودور المجلس القومي في دعم حقوق الإنسان، وضرورة إعادة النظر في مفهوم حقوق الإنسان، والتقيت بأعضاء اتحاد المصريين في أوروبا للتشاور حول الحقوق الدستورية للمغتربين، وأهم مطالب المصريين في الخارج.
* كيف ترى حكم التيار الإسلامي في مصر بعد وصوله للسلطة؟
- التيار الإسلامي ليس مألوفا في الحياة السياسية ولم يكن له دور من قبل لأنه كان في السجون، وكانت النتيجة حدوث صدام بينه وبين التيارات الأخرى الموجودة في الدولة، وكل واحد فيهم يدعي أنه صاحب المسرح بينما كان المفروض أن نعرفهم ببعض ونرفع كفاءة الاثنين في التعامل مع بعضهما، ونفهمهم أن مصر للجميع، وليست لتيار معين، وهي نقطة ثقافية أكثر منها سياسية. ولكن للأسف الشديد كان يفترض أن النخب هي التي تقوم بهذا الدور لكنها لم تفعل بعد أن انخرطت في تقسيمات سياسية، وليس فيها من يستطيع أن يقيم هذا الحوار. وبدأت ظاهرة التيار الإسلامي بوضوح بعدما اكتسح البرلمان، وقد سر المصريون بهذا النجاح تعاطفا مع الإسلاميين الذين جاءوا من عصر الظلام، وتعرضوا للظلم والقهر والحرمان كثيرا في العهد السابق مما جعل المصريين يتصورون أنهم سيحسنون الفرصة لإثبات ذاتهم بعد الثورة، ولكني حذرت من هذه الظاهرة في انتخابات مجلس الشعب، وقلت لهم لا بد من التمييز بين الصلاح السياسي والصلاح الديني، بل من الممكن أن يذهب انعدام الصلاح السياسي بالصلاح الديني، خاصة أنني لاحظت من خلال البحث والدراسة وجود حركة بين الشباب تكفر بجدوى الانتماء للوطن وبجدوى السياسة في مصر، بل إن هناك تيارا إلحاديا يرتفع بين الشباب. وبالتالي لا بد من عدم إقحام الدين في السياسة.
* هل إقحام الدين فقط هو من سبب هذا التغير لدى الشباب؟ وهل فشل الرئيس مرسي في أسلوب تعامله مع شباب الثورة واحتوائهم؟
- هذه المسألة تتعلق بالإجابة عن سؤال هل من قام بالثورة هو الذي يتولى المسؤولية ويحكم؟! هذه هي الإشكالية، فالشباب الذي كان مستهدفا أيام مبارك هو الذي قام بالثورة ودفع الثمن من روحه وجسده، أي أن الشباب هو الذي كان ضحية في نظام حسني مبارك، وفي الثورة ضده، وهنا كان يجب حسم القضية. وأعتقد أن الذي يحكم ويتولى المسؤولية لا يكون من الشباب لأنهم غير مؤهلين أصلا، لكن في الوقت نفسه كان يجب على الرئيس مرسي أن يتجاوب مع آمال وتطلعات هؤلاء الشباب ومطالبهم. وبسبب انعدام وجود الوعي، انقسم الشباب حول هذا الموضوع، وهو إحدى القضايا المهمة التي ستقوم حركتنا بتوضيحها ومعالجتها من الناحية الجذرية.
* بماذا سيتميز التيار الجديد الذي تدعو إليه عن غيره من التيارات السياسية المتصارعة على الساحة المصرية؟
- الحركة أو التيار الجديد الذي أعد لإعلانه حاليا سيجعل الجميع يلتفون حول الوطن دون إدخال الدين في الموضوع نهائيا، لأن الدين أمر بين الشخص وربه. وهي مبادئ أساسية تنسجم مع الفقه، وهو تيار جديد أشكله بحيث لا يكون منحازا لأحد، ويسعى لمصلحة المصريين والتأكيد على أن لمصر طابعا خاصا وبالتالي مصر لن تكون لفصيل واحد يسيطر عليها أو تكون على ذوق واحد معين، لأن مصر ظلت عبر كل العصور لها طابع مميز كان يسمح بالتعايش بين كل الاتجاهات، فنجد فيها الكنيسة والمسجد والمعبد بكل تسامح، وهي حالة تنسجم تماما مع العقد الأول الذي عقده الله مع خلقه «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر». ومن ثم فقضية الدين من المفروض أن لا تكون قضية مطروحة، والدين له أولويات، ونحن نعمل بالعطاء لهذا الوطن وفق الأولويات المتفق عليها.
* هل حددتم تسمية للحركة الجديدة؟
- للأسف لم أحدد لها تسمية حتى الآن بسبب استنفاد مختلف المسميات على الساحة لكن سيجري تفعيلها كتيار معلن ومضمونها يقوم على ثلاثة مبادئ أولها أن الدين لله، وأن الإنسان يحاسب عليه يوم القيامة، وأن الرزق لا يرتبط بالإيمان والكفر وإنما يرتبط بالعمل، وأما الوطن فهو لكل المصريين، ومن ثم فإننا نتمايز فيما بيننا بقدر عطائنا للبلد.
* هل نتوقع مشاركة هذا التيار في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
- طبعا المشاركة متوقعة وبشكل فعال، وأنا أرى أن هذا التيار يمكن أن يطرح نفسه بديلا للحارات الضيقة الدينية والسياسية، ويعلو فوق هذه التقسيمات السطحية التي قسمت المصريين بلا داعٍ، وبددت طاقاتهم في خلافات داخلية.
* هل توافق على مطالبة البعض برقابة دولية على الانتخابات بمصر؟
- نحن في مجلس حقوق الإنسان نقبل بالمراقبين الدوليين للانتخابات، ونطلب من الحكومة السماح بذلك لأنني واثق أنها ستكون في صالح المصريين.
* هل أخطأ الرئيس مرسي في التعامل مع أزمة القضاة؟
- كان لا بد لمرسي أن يكون حصيفا في التعامل مع تلك الأزمة وفي التعاون مع كل أجهزة الدولة دون الدخول في صراعات، فالقضاء له قدسية، وعلى الرئيس أن يخرج الفاسدين كمن يخرج الذئب من المسجد دون المساس بقدسيته.
* لكن في رأيك، ما سبب استحكام الأزمة بين مؤسستي الرئاسة والتشريع من جانب، ومؤسسة القضاء من جانب آخر إلى هذا الحد الخطير؟
- لقد كان للمصريين في الدستور حقوق وحريات كثيرة جدا، لكنهم حرموا منها على أرض الواقع، وكان القضاء يأتي لهم بحقهم لكن السلطة آنذاك لم تكن تحترم أحكام القضاء، لذا فمن المفروض أن لا نحاسب مبارك على أموال وعقارات أخذها، وإنما لا بد أن نحاسبه على أنه قضى على مؤسسات الدولة. وما يحدث اليوم بين القضاء ومجلس الشورى والرئيس سببه أنهم حلوا مجلسي الشعب والشورى، وأوقفوا العمل بالدستور، وأصدر المجلس العسكري دستورا جديدا وغيّر الحكومة، ولكنه ترك القضاء دون تغيير لذلك فالصراع الحالي هو بين القضاء القديم الذي لم يتغير بعد ومؤسستي الرئاسة ومجلس الشورى، وكان المفروض أن يتم التعامل مع مؤسسة القضاء أيضا بالروح نفسها في التعامل مع باقي المؤسسات، ولولا ذلك لكان لدينا الآن نظام جديد بالقضاء يتوافق مع وجود نظام جديد بدستور جديد وبرلمان جديد وحكومة جديدة، ولكن ما زال القضاء قديما، وهو ما يفسر لنا هذه المقاومة من القضاء، التي تعد نقطة مفصلية حاليا بمصر.
* ومن المسؤول عن هذه الأزمة؟! - المسؤولية تقع على المجلس العسكري الذي حكم مصر بنصف قلب، فكان يحاول أن يتماشى قدر الإمكان مع النظام الجديد، لكنه في أعماقه كان يريد العودة للنظام القديم، لذا فإن جمعه بين الماء واللبن سبب المشكلات، ولا شك أن الدكتور مرسي ورث تركة ثقيلة من المجلس العسكري الذي أخطأ خطأ جسيما، لأنه كان يستطيع أن يمهّد مصر جيدا ويسلمها للرئيس المقبل في وضع آمن خلال مرحلة الانتقال التي تولاها، كما أنه أخطأ عندما لم يصنع دستورا قبل انتخابات الرئاسة وجمّد الثورة وأبطأ التطور وارتكب عددا من المجازر لا تقل عن مجازر مبارك!
* من واقع عملك أمينا عاما لمجلس حقوق الإنسان، كيف ترى حقوق المصريين بعد الثورة؟ وما سر الشعور بتدهورها على عكس ما كان متوقعا؟! - تدهور حقوق الإنسان بمصر جاء بسبب أننا حصرنا حق الإنسان في الكرامة وتفادي الاعتقال والتعذيب، وهذه حقوق سلبية بينما الأولوية للحقوق الإيجابية، كالأمن والحياة والتعليم والأكل والشرب، وهي الحقوق الأساسية التي يجب الاهتمام بها، وهو ما لم يحدث للأسف حتى الآن، وذلك مرتبط بانعدام الاستقرار وكثرة المظاهرات وتوقف التنمية. وما حدث هو أن الناس ظنوا أنه بمجرد قيام الثورة يعني التمتع بكل الحقوق، فأصبح لدينا فارق بين الطموح والقدرات في الأداء، وهذا التفاوت الكبير هو الذي جعل خصوم مرسي ينزلون إلى الشارع، وكان المطلوب من الرئيس مرسي أن يكون مستوعبا لهذا الأمر، ويستعد له بالاستعانة بفريق قوي جدا حوله ليطمئن المصريين على قدرته على الإنجاز، حتى لو كانت قدراته هو محدودة، ويعطيهم الأمل، لكن هذا لم يحدث، ولا شك أن الإعلام لعب دورا خطيرا في هذه المسألة.
* بعد عام من حكم مصر كيف تقيم أداء الرئيس مرسي؟ وهل تعتبره فشل في مهمته؟
- الرئيس مرسي ليس له رؤية، ولم يعمل على الاستفادة من قدرات مجتمعه. فالشعب له مطالب مشروعة، لا بد أن يستجيب لها ولا بد من تشكيل حكومة قوية بدلا من الحكومة الحالية، فهناك غياب كفاءة في الحكم، بل إن المستشارين الذين اختارهم لم يستفد من الجيد منهم. كما فقد الرئيس مرسي حالة الالتفاف حوله عندما تسببت القرارات الخاصة بالإعلان الدستوري في إحداث انقسام في الشارع المصري. وكانت هناك عدة أمور ساهمت في التأثير سلبا على تلك الفترة، أولها وجود مؤامرة لإسقاط مرسي وحكم الإسلاميين، وللأسف ساعدها مرسي بانعدام الكفاءة بجانب أن بعض مرشحي الرئاسة السابقين استكثروا على مرسي أن يكون رئيسا، بالإضافة إلى تأثير بقايا النظام السابق في كل الأجهزة التي تعرقل المسيرة، وكانت المحصلة أن وقع مرسي ضحية لهذه الأوضاع، فأصبح مثل قائد سفينة لا يحسن القيادة، والسفينة وسط الأمواج تهاجمها مجموعة من القراصنة.
* ما توقعاتك بشأن يوم 30 يونيو؟ وكيف تقيّم حملتي «تمرد» و«تجرد»؟
- رغم النقد الموجه للرئيس مرسي، فإنه لا يصح أن نطالب بإسقاطه، بل لا بد أن نحافظ على وجوده، لأنها السابقة الأولى في تاريخ مصر، ولا بد أن تكتمل، لكن للأسف نحن نقع في أخطاء متتالية، وكل ما نريده هو أن تستقر البلد، ومن خلال السوابق، لا بد أن نفرق بين العقلاء والنشطاء. فالنشطاء يغلي الدم في عروقهم ولا يرون أمامهم، إنما العقلاء تجاوزوا هذه المرحلة وأصبحوا يرون الأمور بطريقة هادئة بلا جنوح ولا رغبات، لذا أرى أننا لو وافقنا على نزول الناس يوم 30 يونيو لإسقاط مرسي فمعنى ذلك أننا نكون قد قضينا على فكرة الصندوق، وإذا أرغمنا مرسي على السقوط بهذه الطريقة فستدخل مصر في حالة فوضى كبيرة جدا، وبالتالي فالذين ينادون بهذا الأمر لا بد أن يسألوا أنفسهم: ماذا بعد؟! فهم يتصورون أن مرسي الذي جاء بالانتخابات يمكن أن يسقط بمجرد مطالبة البعض بذلك، فكل أنصار التيار الإسلامي احتشدوا حاليا، وهددوا بأنه إذا سقط مرسي بهذه الطريقة فلن يجلس أحد مكانه على الكرسي، ومن ثم ندخل في عملية تمزيق المجتمع؛ فبدلا من أن يبحث الكل عن حلول لمشكلات مصر، سيبحث الكل عن طرق لضرب الآخر.
* هل ما يحدث في مصر جزء من تهديد مخطط لدول «الربيع العربي»؟
- مصر تقود العالم العربي، وإذا حدثت ثورة فيها تتأثر باقي الدول، ولأن الثورة المصرية لم تكتمل فإن الثورات العربية الأخرى لم تستقر، وحدث انقطاع فيها، لذلك نجد أن بعض الجهات تحاول إحباط الثورة والحيلولة دون الوصول لهدفها النهائي لمنع وصول محاولات التحرر في العالم العربي إليها.

No comments:

Post a Comment