Wednesday, December 26, 2012

من بطح الزند؟ - وائل قنديل - بوابة الشروق

من بطح الزند؟ - وائل قنديل - بوابة الشروق

دون استباق لنتائج التحقيق فى حادث الاعتداء على الزند فى نادى القضاة، ينبغى الانتباه جيدا إلى أننا أمضينا الصيف الماضى كله فى متابعة دراما سياسية مدهشة، شملت كل ألوان ودرجات الكوميديا والتراجيديا، وضعت ــ مثلا ــ ذلك الكائن العكاشى عنوانا لحرية التعبير، وجعلت ممثلة السينما التجارية نموذجا لحرية الفن والإبداع، وصدرت الزند كرمز لاستقلال القضاء، وحولت النائب العام السابق إلى شهيد للعدالة، وقبل ذلك قدمت جنرال الثورة المضادة باعتباره قارب العبور إلى الدولة المدنية، على الرغم مما يحفظه الجميع من ضربات موجعة تلقتها ثورة ٢٥ يناير على أيدى هؤلاء.

إن العنف ضد أى مواطن فى مصر مرفوض ومدان ومستهجن بكل العبارات وأوضحها، ومن هنا يحسن أن تكون التحقيقات مع المتهمين بالاعتداء على الزند معروضة أولا بأول على الرأى العام، وأن تتوافر للمتهمين كل حقوق الدفاع القانونى، أن تكون محاكمتهم علنية، وإذا ثبتت إدانتهم ينبغى أن تكون العقوبة صارمة ورادعة وموجعة، مع الوضع فى الاعتبار أن القضاء هذه الأيام مشتبك بالسياسة على نحو لم يحدث من قبل.

لكن ذلك كله لا يمنع من التأمل فى ظروف وملابسات ودراما هذه الواقعة، الغريبة والمريبة فى توقيتها، وفى المعلومات الأولية عن مرتكبيها، ويلفت النظر هنا الإعلان الفورى عن أن فلسطينيين ضمن المشاركين فى الاعتداء، وهذا واحد من الألغاز الكبيرة فى الموضوع، خصوصا أن الحادث يأتى عقب طرح كميات هائلة من الادعاءات والحواديت المسلية عن بيع سيناء للفلسطينيين وبيع قناة السويس للقطريين بموجب الدستور الجديد، ناهيك عن تصاعد الحكايات اللطيفة التى تدمج حماس فى تفاصيل المشهد السياسى المصرى وتطوراته.

ويلفت النظر أيضا أن الحادثة تأتى فى فترة تجرى فيها عملية إحراق متواصلة لرموز استقلال القضاء الحقيقيين، واستهدافهم بساقط القول ومنحط العبارة، وتخليق عبوات جديدة تجسد معنى مبتذلا للاستقلال وللثورة وللفروسية، حتى أن بعضهم لا يشعر بخجل وهو يشطب تاريخا ناصعا، كان ومازال وسيبقى، لفرسان معركة استقلال القضاء ٢٠٠٦.

ويأتى توقيت الحادث مثيرا للدهشة، ذلك أنه يعقب الاستفتاء على الدستور الجديد، ونفاذه من محاولات عرقلته التى استخدمت فيها أسلحة عديدة، معظمها غير مشروع وغير أخلاقى، ومنها تقاعس قضاء الزند عن عملية الإشراف على الاقتراع، ومن ثم كان من الممكن تخيل وقوع مثل هذا الحادث قبل إقرار الدستور وليس بعده.

و مرة أخرى: الاعتداء على أى مواطن عمل همجى، ومستهجن فى كل الظروف والأحوال، بالقدر ذاته الذى ندين به كل محاولات صناعة صور سياسية زائفة، وافتعال بطولات وهمية.

ولكل هذا وغيره من المهم وعلى وجه السرعة أن نسمع إجابة وافية عن سؤال: من بطح رئيس نادى القضاة؟

No comments:

Post a Comment