Monday, December 3, 2012

مصطفى النجار يكتب عن سيناريوهات الأزمة الحالية



(إني أختلف مع مصطفى النجار في عده أمور لكني أحترمه لأنه يستحق الإحترام ولا يسعى لمكسب شخصي، ولا يستعين بالغرب)
مصطفى النجار يكتب عن سيناريوهات الأزمة الحالية.. ويؤكد: لابد من الحفاظ على الإطار السلمى للممارسات السياسية.. وإسقاط مرسى دون انتخابات ضرب من الخيال.. واستمرار الاحتقان سيؤدى لانهيار اقتصادى وشيك
الإثنين، 3 ديسمبر 2012
* الإطار السلمى يجب أن يظل هو الإطار الحاكم لأى ممارسة ويجب إبعاد الأصوات المتطرفة من الجانبين التى ترغب فى إشعال فتيل العنف والعنف المضاد.
*التفكير أن إسقاطه سيكون مثل إسقاط مبارك ضرب من الخيال بسبب الشرعية الانتخابية التى جاء عبرها، ولأن هناك قوة شعبية منظمة ومتحفزة تقف خلفه.
* استمرار الاحتقان وعدم الاستقرار السياسى الذى أن طالت مدته سيؤدى لانهيار اقتصادى وشيك سيفتح باب الغضب الذى سيقوده الفقراء.
* عدم جواز إقحام مؤسسات الدولة فى الصراع السياسى أو جرها إليه، لأن دخولها فى الصراع يفكك الدولة ويسقط بنيانها.


بإعلان الرئيس عن موعد الاستفتاء على مسودة الدستور يوم 15 ديسمبر وصلت المواجهة بين الرئيس وأنصاره والمعارضة إلى أخطر لحظاتها وقضى الرئيس على فرصة إحداث التوافق الذى كنا نتمناه – ووعد هو به - لتدخل البلاد فى مرحلة الاستقرار الذى ينشده كل المصريين وتحتاجه مصر لتتعافى مما أصابها عقب الثورة وحتى الآن.

لذلك يجب التروى والتريث قبل أخذ القرار وتحديد إستراتيجية المواجهة سواء فى معركة الاستفتاء على الدستور أو الانتخابات البرلمانية التى ستعقبها، هناك محددات أساسية لا بد من مراعاتها فى كل الأحوال:

أولا: نظام الرئيس مرسى ليس نظام مبارك فمرسى أتى عبر صناديق الانتخابات والتفكير أن إسقاطه سيكون مثل إسقاط مبارك ضرب من الخيال بسبب الشرعية الانتخابية التى جاء عبرها، ولأن هناك قوة شعبية منظمة ومتحفزة تقف خلفه وهى على استعداد لبذل الدم من أجل بقائه ومواجهة خصومه إذا أقدموا على محاولة إسقاطه وخلعه وهذا سيدخل مصر فى حرب دموية بلا مبالغة.

ثانيا: الإطار السلمى يجب أن يظل هو الإطار الحاكم لأى ممارسة ويجب إبعاد الأصوات المتطرفة من الجانبين التى ترغب فى إشعال فتيل العنف والعنف المضاد، وأن تظل الأرضية التى نتحرك عليها هى الأرضية السياسية السلمية بكل ما تحتويه من منافسة انتخابية وحشد الجماهير وتحريك الكتل المؤثرة الكمية والنوعية.

ثالثا: وحدة مصر وسلامة أراضيها واستقلال قرارها الوطنى قيمة لا يمكن التنازل عنها، فلا وصاية للخارج على مقدراتنا ولا تدخل فى شئوننا الداخلية تحت أى مسمى، مشكلتنا داخلية ونحن أبناء وطن واحد لا نستقوى على بعضنا بأى أطراف خارجية.

رابعا: خطورة البعد الاقتصادى وتدهوره مع استمرار الاحتقان وعدم الاستقرار السياسى الذى أن طالت مدته سيؤدى لانهيار اقتصادى وشيك سيفتح باب الغضب الذى سيقوده الفقراء وكل المضارين الذين ستتحول الثورة بتحركهم إلى ثورة مختلفة عن الموجة الأولى للثورة ولن تبقى ولن تذر.

خامسا: عدم جواز إقحام مؤسسات الدولة فى الصراع السياسى أو جرها إليه فمؤسسات الجيش والشرطة والقضاء يجب ألا تكون طرفا فى الأزمة ولا تنحاز لطرف، دخول هذه المؤسسات فى الصراع يفكك الدولة ويسقط بنيانها.

فى ضوء هذه المحددات ننتقل إلى السيناريوهات المختلفة للتعامل مع الأزمة:

السيناريو الأول: الإصرار على إسقاط النظام واعتباره غير شرعى واستمرار التصعيد والدعوة لعصيان مدنى حتى إسقاط النظام: تبدو هذه الفكرة خيار لبعض القوى الثورية التى تعتبر أن الرئيس قد فقد شرعيته بعد الإعلان الدستورى الأخير الذى تجاوز فيه هذه الشرعية – وهذا كلام له حيثية دستورية وقانونية لدى البعض - وترى هذه القوى أن إسقاط النظام عبر التظاهر واستمرار الضغط هو المسار الوحيد، ولكن يعيب هذه السيناريو مجموعة من العوامل الواقعية منها:

1 – أتى مرسى كرئيس عبر صناديق الانتخابات ولا يمكن إسقاط ما جاء بالانتخابات إلا عبر الانتخابات، وليس مظاهرات واحتجاجات، بالإضافة إلى أن هذا الخيار شعبيا لن يكون مفضلا على نطاق واسع، لأن عموم المصريين غير المسيسين لن يقتنع بأسانيد القوى الثورية التى ترى أن شرعية الرئيس قد سقطت، كما أن الدخول فى هذا المربع سيدخلنا فى حرب دموية – لا شك فيها – مع تنظيمات الإسلام السياسى والتى مارس بعضها العنف والقتل فى فترة ما من تاريخه، وسيقف معسكر التيار الإسلامى بقوة أمام إسقاط مرسى - الذى يرونه أول رئيس إسلامى لمصر - مهما كان الثمن.

2 – فكرة العصيان المدنى بمفهومها الحقيقى غير واردة فى مصر، لأنها تعنى باختصار الامتناع التام عن التعامل مع الدولة، وذلك بعدم دفع الضرائب ولا فواتير الكهرباء ولا الماء ولا الغاز، وكذلك الامتناع عن استلام الرواتب بالنسبة لموظفى الدولة وعدم التعامل مع أى مؤسسة فيها مثل الشرطة أو القضاء وغيره والإضراب الجزئى المتصاعد عن العمل، ليتحول بعد فترة قصيرة إلى إضراب شامل فى كل قطاعات الدولة ومرافقها مثل النقل والصحة وغيرها، مما يصيب الدولة بالشلل ويخضع النظام حينها لمطالب الجماهير، ولحدوث هذا يحتاج إلى تهيئة وتمهيد وتوعية وحشد قد يستغرق سنوات وقد لا ينجح أيضا بسبب الرغبة الجمعية للمصريين فى الاستقرار.

3 – كلفة هذا الخيار مرتفعة لا تستطيع قوة سياسية احتمال عواقبها، لأن الفشل فيه يعنى إشعال حرب أهلية فى مصرستهدم بنية الدولة وتفتح الباب لتقسيم مصر.

السيناريو الثانى: مقاطعة الاستفتاء على الدستور ومقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة وترك الساحة السياسية للتيار الإسلامى ليلعب فيها وحده، وانتظار انتهاء الفترة الرئاسية لمرسى والاستعداد للانتخابات الرئاسية القادمة بعد أربعة سنوات.

هذا السيناريو له وجاهته ولكن لا بد من النظرمن الزوايا التالية:

1 – البعد عن ممارسة العمل السياسى وإخلاء الساحة للإخوان وتابعيهم سيرسخ من فرصهم فى تغيير شكل الدولة المصرية وسيمنحهم الفرصة لتفصيل قوانين تتلاءم مع روح الدستور الذى صاغوه، بالإضافة إلى امتلاكهم لكل مقدرات الدولة كحكام لها مما سيعطيهم الفرصة فى الاستمرار فترة أطول وليس كما يعتقد البعض، والنموذج الإيرانى بين وجلى فى توضيح كيفية تغيير هوية الدولة وبنيتها بالتدريج مع إقصاء المختلفين.

2- عدم قدرة الإخوان على إدارة الدولة وغياب الكفاءات والذى ظهر جليا خلال الشهور الماضية سيرجع مصر للوراء فى كل المجالات والرهان على فشل الإخوان فقط سيكون عقابا لمصر والمصريين، وسيجعل مصر تتعرض لتجريف جديد لا تحتمله مصر التى صارت على وشك الإفلاس.

3 – على المستوى الدولى لن يكون هناك تأثير ضخم كما يتخيل البعض لهذه المقاطعة، فلعبة المصالح والتوازنات الدولية والإقليمية أهم من مبادئ الديمقراطية ووجود النظام الإخوانى بصيغته الحالية مريح جدا لأمريكا والغرب، ولا يمثل لهم أى مشكلة بل بالعكس يمثل نقطة قوة فى مواجهة التهديد الشيعى الإيرانى وامتداده.

4 – مقاطعة العمل السياسى بالكامل ستبعد القوى السياسية عن الجماهير التى تتفاعل مع من يوليها اهتمامه ورعايته، بدءا من نواب البرلمان إلى ممثليهم فى المحليات، ولن يهتم عموم المصريين خاصة فى القرى والنجوع والأقاليم بمن سيقول لهم أنا مقاطع للعملية السياسية برمتها وبمرور الوقت ستفقد القوى السياسية تأثيرها على هؤلاء لينتقل ولاؤها للقوى الحاكمة والموجودة فى المشهد.

السيناريو الثالث: مقاطعة الاستفتاء الدستورى دون مقاطعة الانتخابات البرلمانية والمحلية القادمة وهو سيناريو ذو شقين يراه البعض متناقضا، ويراه البعض منطقيا وتحكمه النقاط التالية:

1 – يرى البعض أن مقاطعة الاستفتاء معناها ضرورة مقاطعة العملية السياسة برمتها والنزول للشارع حتى إسقاط النظام فلا معنى لمقاطعة الاستفتاء ثم دخول الانتخابات.

2 – يرى البعض أنه خيار متوازن، لأن مقاطعة الاستفتاء تعنى استمرار عدم الاعتراف بشرعية الدستور واللجنة التأسيسية برمتها، لكن لا بد من الاستمرار فى العملية السياسية لمقاومة محاولات التمدد الإخوانى واعتبار خوض الانتخابات جزءا من أدوات المعركة التى لا يمكن إهدارها لإصلاح ما تم إفساده ومن بينه صياغة دستور جديد لمصر.

3 – لتنفيذ هذا السيناريو لا بد من توضيح المسألة للجمهور حتى لا يحدث عنده تناقض وارتباك وحتى يعرف ما هى خارطة الطريق التى سيفرضها هذا الاتجاه.

السيناريو الرابع: المشاركة فى الاستفتاء الدستورى وحشد الجماهير للتصويت بلا، مع مراعاة أن الهدف المنطقى – والقابل للتحقيق - هو رفع نسبة المصوتين بلا إلى أعلى نسبة ممكنة لنزع الشرعية عن هذا الدستور، ثم خوض الانتخابات البرلمانية والمحلية بقائمة وطنية موحدة تسعى للحصول على ثلث مقاعد البرلمان على الأقل إن لم يكن نصفه لتستطيع أن تكون فاعلة فى سن القوانين وإيقاف التشريعات المنافية للديمقراطية، واستمرار النضال بأدوات السياسة بالتوازى مع الشارع لتغيير وتعديل الدستور فى حالة الموافقة عليه فى الاستفتاء.

ولهذا السيناريو وجاهته أيضا ولكن لا بد من ملاحظة الآتى:

1 – قصر المدة الزمنية المتبقية على موعد الاستفتاء الدستورى ولكن قد يعوضها من وجهة نظر البعض خريطة التصويت فى الانتخابات الرئاسية فى الجولة الأولى والتى أعطت القوى المناوئة للاخوان حوالى 15 مليون صوت والتى تستطيع عبر هؤلاء المرشحين حشد الشارع للتصويت بلا، مع إدراك أن النسبة النهائية لن تماثل أبدا نتائج التصويت فى الانتخابات الرئاسية، لأن التصويت على أشخاص أسهل بكثير من التصويت على مبادىء وأفكار ودساتير.

2- هذا السيناريو لنجاحه يحتاج إلى توحد القوى السياسية فى تحالف مستمر ومتماسك يستطيع إنتاج خطاب سياسى موحد ويستطيع خوض الانتخابات كقوة واحدة لا تتفتت بينها الأصوات لصالح الاتجاه الآخر الذى تمرس فى عملية الانتخابات وامتلك ماكينة تنظيمية عاتية تستطيع حسم معارك الانتخابات خاصة على مستوى الدوائر الأصغر، وبقدر ما سينجح هذا التحالف بقدر ما ستتشكل فى مصر قوى معارضة حقيقية تستطيع المنافسة السياسية وتستطيع تسلم الحكم فى أول انتخابات رئاسية قادمة.

3 – هذه المعارضة سيكون هدفها الوصول بخطابها لرجل الشارع فى أعمق أعماق مصروستكون معركة المحليات على رأس أولوياتها، لأن من سيتمكن من الفوز فى المحليات القادمة ويؤدى فيها بكفاءة واقتدار، سيمتلك القدرة على حسم كثير من المعارك الانتخابية التى ستعقبها وهذا يحتاج لظهور كوادر جديدة من السياسيين يفهمون طبيعة المصريين وأهمية الجانب الخدمى لديهم ويتفاعلون مع مشاكل الناس الحقيقية لوجودهم الدائم على الأرض بين الناس.

الوضع شديد التعقيد ولا يمكن أن يزعم إنسان أن هناك حلا هو الأفضل من جميع النواحى، لكل سيناريو ما سيعقبه من تبعات، هذا اجتهادى الشخصى، وأنتظر تفاعل يثرى هذه الرؤية وينقحها، سائلين الله أن يحفظ مصر وطننا الحبيب.

No comments:

Post a Comment