Saturday, January 22, 2011

جهاد الظلم ووسائله - يوسف القرضاوي

http://www.aljazeera.net/NR/exeres/3C9EA865-A8AC-49AB-8CD3-08299E127CA4.htm  

عثمان عثمان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلا ومرحبا بكم على الهواء مباشرة في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ}[هود:113] وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر"، فلماذا خفت صوت جهاد الظلم في الثقافة الإسلامية لحساب ما سمي بجهاد الكفر؟ وكيف يكون جهاد الظلم الذي كاد يغيب عن العقل والممارسة؟ وما وسائله؟ جهاد الظلم ووسائله موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي. مرحبا بكم سيدي.

يوسف القرضاوي: مرحبا بك يا أخ عثمان.

حول أحداث تونس وشرعية الانتفاضة ومستقبلها

عثمان عثمان: قبل الدخول في محاور الحلقة لكم كلمة تعلقون بها على الأحداث التي تجري في تونس، تفضلوا مولانا.

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد فلا بد لنا من كلمة نجزيها إلى إخوتنا الأحبة في شعب تونس الشقيق كلمة هي تحية وتهنئة ووصية، تحية إلى هذا الشعب الذي ضرب المثل للشعوب العربية والإسلامية والشعوب المستضعفة عامة ألا تيأس ولا تخاف من الطواغيت فالطواغيت هم أضعف من الذباب وأوهن من بيت العنكبوت وسرعان ما يتهاوون أمام قوة الشعوب إذا صمدت وصممت، أحيي شعب تونس الشعب الطيب المسالم القوي الذي ظهر على حقيقته في هذه الفترة الأسابيع الأربعة الماضية أحيي هذا الشعب وأترحم على شهدائه وأسأل الله أن يسكنهم الفردوس الأعلى وأن يشفي جرحاه وأن يهيأ له حياة طيبة تليق بهذه التضحيات التي قدمها وأهنئ هذا الشعب أيضا بما انتهى إليه أهنئه بأن جهاده لم يذهب سدى وصدق الله العظيم إذ يقول {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا..}[العنكبوت:69] هذه سنة الله، من جد وجد ومن زرع حصد ومن سار على الدرب وصل، سنة الله فلا بد أن يجني هذا الشعب ثمرات جهاده وتصبح تونس الخضراء كما عرفناها ليست تونس الذابلة ولا الجافة، تونس خضراء لأهلها ولكل من حولها تونس بلد عقبة بن نافع مؤسس القيروان وبلد الزيتونة جامعا وجامعة هذا البلد العربي المسلم الأصيل نهنئه بما وصل إليه. ونوصيه بعد هذه التهنئة لنا وصية إلى هذا الشعب أن يحرص على مكاسبه التي لم يحصل عليها إلا بدماء الأحرار لم يحصل عليها إلا بهذه الأرواح التي أزهقت والدماء الطاهرة التي أسيلت فلا يجوز أن يضلله أو يضحك عليه لصوص الثورات، هناك أناس يسرقون الثورات من أصحابها متخصصون في ذلك، أنبه الشعب التونسي أن يكون في غاية اليقظة لهؤلاء وأن يجتني الثمرات ويستعجل في جني هذه الثمرات وأنا أستعجل هذه الثمرات، أنا أقول للرئيس الجديد السيد الموزع لماذا لم يصدر منذ صدر لا بد أن كان يبدأ بالإفراج عن سجناء الرأي الذين دخلوا السجون ظلما وعدوانا لأنهم كان لهم رأي مخالف يجب أن يفرج عنهم، المعتقلون الذين اعتقلوا بغير محاكمة وبغير بينة يجب الإفراج عن هؤلاء يعني فورا، هناك أشياء لا يجوز التأخير فيها إعطاء الفرصة والحرية، الحرية للجميع لكل من قيدت يده أو كل من ربط لسانه لئلا يتكلم ألا يكون له رأي في بناء بلده وفي نهضة بلده كل هؤلاء يجب أن يفرج عنهم، أنا كثيرا ما قلت في هذا البرنامج وغيره إن الحرية عندي مقدمة على تطبيق الشريعة، يجب إطلاق الحريات، يكف يسقط الطاغوت وتبقى الحريات بعده؟ أنا أعجب لهذا، إن الطاغوت يسقط وأتباعه لا زالوا يحكمون، أنا أنادي بالحرية للجميع وبحق العمل السياسي للجميع، ليس هناك إقصاء ولا استثناء، يساريون يمينيون علمانيون إسلاميون شيوعيون كله يجب أن يتاح له، إن من لطخت يده بدم الأبرياء هؤلاء يجب أن ينالوا عقابهم يجب أن تفتح محاكم بأسرع ما يمكن محاكم مدنية لا عسكرية محاكم طبيعية بقضاة طبيعيين ممن عرفوا بالاستقامة والعدالة وبأناس لا شبهة عليهم يحاكمون كل من ثبت أنه ظلم هذا الشعب وأخطـأ وأجرم في حق هذا الشعب، هذه أمور طبيعية يعني أنادي بها ويجب أن يتمسك بها إخوتنا الشعب التونسي العظيم الذي ينبغي للأمة العربية والإسلامية أن تحييه وتشكر له صنيعه بأنه أيقظ النائمين ونبه الغافلين وأصبح أسوة للأحرار المستضعفين في كل مكان.

عثمان عثمان: مولانا ركزتم على مسألة سرقة الثورات عبر التاريخ، كيف يمكن للشعب التونسي المسلم أن يحافظ على هذه الثورة على مكتسباتها حتى لا تسرق منه؟

يوسف القرضاوي: أن يتنبه إلى هذا ويتيقظ ويقف صفا واحدا، أنا أريد كل الأحرار الذين قاوموا الظلم والطغيان وقاوموا الفراعنة والهوامين والقوارين فرعون وقارون وهامان هؤلاء الذين سرقوا الشعب وأموال الشعب ونهبوا أموال الشعب ونصبوا من أنفسهم آلهة في الأرض هذه الآلهة الأصنام التي سقطت يجب الناس يقفوا صفا واحدا وإذا اتحد الجميع استطاعوا أن يعرفوا من هم السراق من هم اللصوص حتى لا يسرقوا ثورتهم منهم ويأخذوها وينعموا بثمراتها وأصحاب الثورات والذي ضحوا بالدماء والأرواح حرموا من أن يجنوا ثمرات هذه الثورة.

عثمان عثمان: يعني متابعة لهذا الموضوع أصل هذه الثورة كانت من شاب أحرق نفسه يعني اعتراضا على ما جرى من ظلم وغير ذلك، السيد عبد الله جعفر يقول هل تعد حالة محمد البوعزيزي والتي أدت إلى ثورة عارمة في تونس كوسيلة استثنائية من وسائل جهاد الظلم أم أنه نوع من أنواع الانتحار؟

يوسف القرضاوي: هو يعني لا شك أن الذي ينظر إلى الأمر برمته وبملابساته المختلفة سيجد أن هناك عذرا لهذا الشاب وأمثاله، هؤلاء يعني جعلوا هذا الشعب يعيش في أزمة نفسية، أنا أعتبر أنه لم يكن حرا حينما اتخذ هذا القرار كان يغلي داخليا من أنه يعني أخذ شهادة ولا يجد عملا ويجد أنه احتاج إلى القوت ولا يجد القوت، كما قال سيدنا أبو ذر "عجبت لمن لا يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه!" كان في حالة أعتبر أنه غير مالك لإرادته تماما وأنا يعني قلت في كلمة أمس نحن ندعو الله نتضرع إلى الله أن يعني يمنحه العفو والمغفرة هو أهل للعفو وأهل للمغفرة وأنا أدعو الشعب التونسي وأدعو المسلمين عامة أن يشفعوا إلى الله أن يعفو عن هذا الشاب لأنه هو تسبب في هذا الخير في إيقاظ هذه الأمة في إشعال هذه الثورة فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يتجاوز عنه، وفي بعض الأحاديث في صحيح مسلم أن أحد الناس يعني قطع براجمه قطع أصابعه وشخبت يداه حتى مات يعني من هذا ولكن لأنه يعني كان مهاجرا إلى الله وبتاع ربنا سبحانه وتعالى يعني عفا عنه ورآه بعض المسلمين في رؤيا ورآه في الجنة ولكن هو جاء مغطي يعني فقال له يعني هذا لأنني قطعت براجمي يعني أصابعي وسال الدم فالرسول قال يا رب وليديه فاغفر، فربنا حتى يعني شال عنه هذا الشيء اللي كان يعني يغطي أصابعه.

عثمان عثمان: ولكن مولانا هناك من يسعى إلى استنساخ هذه التجربة، نسمع الآن عن شاب في الجزائر حاول أن يحرق نفسه أيضا كما فعل ذلك الشاب التونسي يعني هذه القضية لو تكررت في مكان آخر ومكان ثالث؟

يوسف القرضاوي: نحن نرجو للمسلمين أن يلتزموا بتعاليم دينهم، عندنا وسائل كثيرة نستطيع أن نحتج بها ولكن هذا كله من جراء تفاقم الظلم وأن الظالمين لا يسمعون لأحد ولا يهتمون بأحد، اللي يروح في داهية يروح في داهية فهؤلاء الشبان اضطروا أن يسمعوا صوتهم إلى العالم بإحراق أنفسهم ولذلك أنا أرى أن هذه الأنظمة الجائرة الأنظمة الطاغوتية هي المسؤولة عن مثل هذا الأمر.

عثمان عثمان: متابعة للموضوع نأخذ المحامي عبد الفتاح مورو قيادي سابق في حركة النهضة التونسية من تونس، السلام عليكم.

عبد الفتاح مورو/قيادي سابق في حركة النهضة - تونس: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تحياتي لكم ولفضيلة الشيخ ولمشاهديكم.

يوسف القرضاوي: حياك الله يا دكتور عبد الفتاح.

عبد الفتاح مورو: أهلا وسهلا يا سيدي نحن نعمنا بكم في تونس لكن حرمنا من مقابلتكم وحيل بيننا وبينكم لكننا معكم يوميا ومعكم في مداخلاتكم ونتأدب بما تلقون من نصائح للأمة ونسأل الله تعالى أن يتولى جزاءكم على ذلك لأنا عاجزون عن الجزاء. ثم ما قلتموه الآن..

عثمان عثمان: أستاذنا الفاضل بعد كل الذي جرى ما الذي تغير ما الذي تطمحون له أن يتغير في المستقبل؟ ما هو الحال؟
عبد الفتاح مورو: والله الشعب التونسي يعيش نشوة بل نخوة الآن، نحن نأسف للشهداء ونأسف لما أصاب أبناءنا من موت ولكن ما نحن فيه الآن لم نكن نتوقع حصوله بهذه السرعة ولعله من بركات هذا الرجل الذي ضحى بنفسه وأحرق نفسه ولست في موقع الدفاع عنه ولا الإفتاء له ولا لأمثاله لأن فضيلة الشيخ قد تكفل بذلك ولكن أقول ما حصل الآن من زلزال أصاب الطاغية وجعله يفر بسرعة من قصره لكون الشباب راحوا إلى وزارة الداخلية التي تبعد عن قصره بـ 15 كيلومترا تقريبا وأصروا على أن يرفضوا صنيعه ويرفضوا ظلمه ويرفضوا تسلطه هذا الواقع هو الذي انتهى إلى فراره فرار الجبناء، وأنا ما كنت أتصور أن جنرالا عسكريا يعتز برتبته العسكرية ويعتز بانتمائه للجيش الشهم يفضل الفرار، هذا الرجل عندما فر ترك الشعب أمام واقع جديد انكب على إقامة بنيانه الآن وعلى إقامة أسسه وأصوله والآن هناك مشاورات تحصل بين الفرقاء السياسيين والاجتماعيين..

عثمان عثمان: هذه المشاورات أين موقع الإسلاميين منها؟

عبد الفتاح مورو: الإسلاميون يرغبون في أن يكونوا طرفا لأنهم طرف في المواطنة فيرغبون أن يكونوا طرفا في إعداد مستقبلهم خاصة وقد اضطهدوا وظلموا وقضوا السنين الطوال في السجون والمئات منهم لا زالوا يقبعون في السجون الآن وهم ينتظرون أن يفرج عنهم لأن جريرتهم الكبرى وخطيئتهم العظمى أنهم أرادوا أن يسهموا في رسم معالم الطريق لبلد يتدرج من الاستعمار نحو الاستقلال ويريد أن يأخذ بمصائره ويتصور أن في الإسلام حلا لمشاكله وأن في الإسلام ما يساعده على أن يكون بلدا يعيش عصره ويعيش زمنه ولكن لا ينقطع عن أصوله ولا ينقطع عن عقائده ولا ينقطع عن ماضيه، لكنا إلى الآن لم ندع لا للقاء ولا لحوار، سعيت كل ما سعيت لأن أشعِر بأن في البلد أناسا يرغبون في أن يمدوا أيديهم لصالح البلد ولبناء مستقبل البلد وأن رغبتهم في المساهمة في إثراء الحوار وأنهم يقبلون بغيرهم لكني أفاجأ ببعض يصمتون والبعض الآخرين يحذرون ولقد عاينت منذ قليل بالجزيرة خبرا مفاده أن أحد وزراء إسرائيل أبدى تخوفه من ظهور الحركة الإسلامية على الساحة السياسية التونسية، لا أخفيكم بأن هذا الخبر قد رسخ لدي شعورا بأن أعداء الأمة يترصدون وأن الغرب بفلوله المختلفة لا زال إلى حد الآن لا يقبل أن تأخذ هذه الشعوب مصائرها بأيديها ولا زال إلى حد الآن يضحي بالتزامه للدفاع عن حقوق الإنسان التي يعتبرها أمرا مقدسا في بلده يضحي بهذا الالتزام إذا كان الأمر يتعلق بالإسلاميين أو الراغبين في الرجوع إلى الإسلام أو في إحياء عقائد المسلمين وطرق تطبيق الإسلام تطبيقا معاصرا رغما عن كوننا أعربنا في كثير من الأحيان على أننا مواطنون كغيرنا أننا نحترم أفكار غيرنا وانتماء غيرنا أنا نقبل بالأخضر واليابس شريطة ألا يكون هناك ولاء للخارج وألا تلطخ الأيدي بالدماء ولكننا نفاجأ إلى حد الآن إما بصمت من الذين ينكبون على تهيئة أسباب الخروج من الأزمة وإعداد المستقبل أو برفض صريح من بعض فلول من يسمون بالعلمانيين أو المثقفين الذين لا يرغبون في أن يحاوروا الإسلاميين ولا أن يجلسوا مع الإسلاميين..

عثمان عثمان: شكرا المحامي عبد الفتاح مورو القيادي السابق في حركة النهضة التونسية. مولانا بالعودة إلى الموضوع، ربما الجزء الأول من الحلقة خصص لموضوع تونس وهو موضوع يعني حام لا بد من نقاشه والتعاطي معه. حديث النبي عليه الصلاة والسلام "أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" ما منزلة الظلم من الشريعة الإسلامية ومن الرؤية الإسلامية والعقيدة الإسلامية، لماذا جعل جهاد الظلم أفضل الجهاد؟ نسمع الإجابة إن شاء الله بعد الذهاب إلى فاصل قصير فابقوا معنا.

**************
عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقتنا لهذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان جهاد الظلم ووسائله مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي. سيدي ما منزلة الظلم في الرؤية الإسلامية والعقيدة الإسلامية ولماذا جعل جهاد الظلم أفضل الجهاد كما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام؟

يوسف القرضاوي: لأن الإسلام جاء يقيم العدل في الأرض واعتبر القرآن إقامة العدل بين الناس هدف الرسالات السماوية جميعا {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ..}[الحديد:25] القسط يعني هو العدل، العدل الذي قامت به السموات والأرض ولذلك كان الظلم ضد الرسالات السماوية كلها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي عن الله "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا" لا يظلم بعضكم بعضا، فالقرآن يجعل الظلم أساس كل شر ولذلك الله لا يحب الظالمين ولا يهدي القوم الظالمين والظالمون يعني هم أهل النار {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا..} من العبور على النار {..وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً}[مريم:72]، {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا..}[النمل:52] و {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا..}[الكهف:59]، {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}[هود:102]، {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام:45] القرآن كله مليء ينهى المسلم أن يظلم أو يكون عونا لظالم لذلك بدأنا بقوله تعالى {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ..} حتى الركون يعني الميل القلبي، لا تمل له بقلبك ولا تسانده بجهدك بطبيعة الحال لأن الظلم أيضا إذا ترك يؤدي إلى خراب البلاد وضياع العباد، الظلم في الداخل هو السبيل إلى دخول الأمم وتسليطها على الأمة الإسلامية من الخارج كما أشارت سورة الإسراء أن البلد ينحل ويتظالم فربنا يسلط عليه أناسا آخرين كما سلط على بني إسرائيل، ومن هنا كانت مقاومة الظلم في الداخل حماية لحرية البلد وسيادته من أن يأتيها أناس آخرون يسلطون عليها، وجاء في الحديث "سيد الشهداء حمزة ثم رجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" ممكن واحد يروح يجاهد في سبيل الله ولا يقتل ويرجع سالما إنما إذا قمت تقول كلمة الحق في وجه الظالم الطاغية وتقف في وجهه لن تسلم فلذلك كان اهتمام الإسلام بمقاومة هذا الظلم، ويقول الحديث "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منها" فاللي بيشيع ثقافة الاستسلام للظلمة هو التصوف المنحرف، التصوف الحقيقي يربي المؤمن على القوة والبذل والتضحية في سبيل الله ولذلك رأينا كثيرا من المتصوفة يقاومون الاستعمار والاحتلال..

عثمان عثمان: كما في الجزائر سابقا.

يوسف القرضاوي: الأمير عبد القادر الجزائري قاوم الاستعمار الفرنسي، السنوسيون قاوموا الإيطاليين، الإمام محمد أحمد المهدي في السودان قاوم الإنجليز وأقام دولة تحكم بالشريعة في السودان كل المتصوفة قاوموا إنما هناك نوع من التصوف يقول لك أقام العباد فيما أراد، أنت حتعدل ملكه؟ اترك الخلق للخالق والملك للمالك، حتى بيستدلوا ساعات بالقرآن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ..}[المائدة:105] ولا يمكن يكون الإنسان مهتديا، بيقول إذا اهتديتم، كيف تكون مهتديا وأنت تارك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ هذا لا يكون، ولذلك سيدنا أبو بكر وقف على منبر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وقال أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتؤولونها على غير وجهها، إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده، اتقوا فتنة لتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة.

عثمان عثمان: عندما نتحدث عن مقاومة الظلم ما هي وسائل هذه المقاومة المشروعة دينا؟

يوسف القرضاوي: هناك وسائل عدة يجعلها الإسلام، المقاومة باللسان وبالقلم وبالمقاطعة وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الله والنصيحة في الدين والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وسائل عدة، أخطب على المنبر أقاوم الظلم بخطبتي بمحاضرة بكتاب أكتبه بنشرة أعملها بكلمة في الإذاعة في التلفزيون في وسائل عديدة، هناك طبعا الناس أمام الظلم فئات مختلفة في فئة تنسحب كما قلنا على هؤلاء اللي بيدعوا التصرف واتركوا الخلق للخالق هذه، الانسحابيون، وفي دعاة العنف الخروج المسلح ولا يمكن يعني يسمح بالمقاومة المسلحة إلا بشروط وبضوابط يعني كثيرة لأن لو سمحنا بهذا تصبح البلاد في فتن ويصبح دم البشر كلأ مباحا، لا بد أن هذه الأمور تنضبط، وهناك الفئة المتوسطة التي تضع القوة في موضعها والبيان البشري في موضعه، النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول لحسان بن ثابت "اهجهم وروح القدس يؤيدك إن شعرك لأشد عليهم من وقع الحسام في غبش الظلام" هم كانوا يستخدمون الشعر ضد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن نستخدم الشعر ضد الشعر والبيان ضد البيان لا نجعل السيف ضد القلم ولكن ولذلك نحن نستخدم الوسائل السلمية بقدر الإمكان إلا إذا فاض الكيل طفح الكيل كما يقولون وطغى السيل..

عثمان عثمان: متى يطفح الكيل؟

يوسف القرضاوي: إذا كان هناك كفر بواح عندنا فيه من الله برهان، إذا هناك ناس يريدون أن يلغوا الإسلام من حياة الأمة، أمة مسلمة تشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وبالقرآن إماما ومنهاجا يجيء واحد عايز يشيل الأمة يغير حقيقتها يغير طبيعتها لا بد أن تقاوم الأمة في هذه الحالة ولكن أيضا بشرط أن تملك القدرة، الحاجات دي كلها مرهونة بالقدرة ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال فيما رواه مسلم علي بن مسعود "ما من نبي بعثه الله في أمة من قبلي إلا كان له حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره حتى إذا خلفت بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم -هؤلاء الذين يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون- من جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" وهذا إشارة أيضا إلى ما ذكر في الحديث الآخر حديث أبي سعيد الخدري قال "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان" فتغيير المنكر في هذا الحديث والجهاد جهاد الظلمة والمنحرفين في الحديث الآخر هو يبين لنا الواجب على الأمة المسلمة، لا يجوز للأمة المسلمة تستسلم للمنكرات، لا، لا بد، آخر شيء يعني باليد إذا استطاعوا بعدين باللسان بالنصيحة، تواصوا بالحق وتواصوا بالصبر، ليس هناك أحد أصغر من أن يوصي وينصح وليس هناك أحد أكبر من أن يعني يُنصح، كل الأمة تتناصح وتتواصى تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران:104] ولا يكونوا كبني إسرائيل الذين قال الله فيهم {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ}[المائدة:78] ماذا كان عصيانهم وماذا كان اعتداؤهم؟ قال كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، يقع المنكر بينهم ولا ينهون عنه، حتى الربانيين والأحبار يقول {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ}[المائدة:63] حتى علماءهم أقروهم على هذا، لا ينبغي للأمة أن تقع فيما وقعت فيه بنو إسرائيل بل ينبغي للأمة أن تظل محافظة آمرة بالمعروف ناهية عن المنكر.

عثمان عثمان: من وسائل مقاومة الظلم -مولانا- المظاهرات الاعتصامات العصيان المدني الإضرابات وغير ذلك، ما الموقف الشرعي من مثل هذه الوسائل؟

يوسف القرضاوي: الشرع يجيز مثل هذا وهذا أفضل من أن الناس تستعمل السلاح، بدل ما تلجئ الناس أنها تستخدم السلاح اسمح بهذه، المهم الطواغيت لا تسمح حتى بهذه الوسائل المدنية لا تسمح للناس أن يتكلموا لا تسمح للناس أن يتظاهروا تظاهرة سلمية والرصاص الحي اللي رأيناه في تونس أن رجال الأمن المفروض رجال الأمن دول هم حماة الشعب، دائما يقولون الشرطة في خدمة الشعب إنما مش في قتل الشعب، هؤلاء لا يتركون الناس يتظاهرون يعني سلميا فمن واجب الناس أن تقول لا إذا أحست بالظلم ويجب يتركهم يقولون لهم تسمع لهم ولكن الطغاة لا يسمعون ولا ينتصحون إلا أن يسقطوا، بعدما يسقط يعني زي ما جاء بن علي بعد أربعة أسابيع يقول "فهمتكم" يا غبي! ما فهمتش إلا بعد أربعة أسابيع وبعد أن سقط العشرات والمئات جئت فهمت! ما فهمتش من طول تلك الأيام؟! فهذا شأن الطغاة.

عثمان عثمان: ما موقع المصلحة والمفسدة في قول كلمة الحق أمام سلطان جائر؟ تحدثتم عن التغيير باليد باللسان بالقلب، أين موقع المصلحة والمفسدة في هذا التغيير؟

يوسف القرضاوي: المصلحة والمفسدة هي معيار من معايير الشرع، عندنا نحن النصوص إذا وجدنا الحاكم خرج على النصوص التي تلتزم بها الأمة وتعتبرها دينا وهي مواثيق أخلاقية ومواثيق العدالة ومواثيق القيم مواثيق كل الناس يعني تقرها حتى من لم يكن مسلما وبعدين هناك المصلحة والمفسدة، من مصلحة الشعوب أنها تبني نفسها تبني نهضتها تحاول أن تطعم الناس من جوع وأن تؤمنهم من خوف، أن يأكل الناس مما يزرعون ويلبسون مما يصنعون ويحمون أنفسهم بالسلاح الذي ينتجون إنما الأمة التي لا تستطيع أن تجد من أرضها ما يزرع بما يكفيها ولا تجد من الصناعات وتستورد كل ما تحتاج إليه، هذه أمة؟ والدولة التي تترك الأمة ضياعا وكل أفرادها مهمتهم أن يثروا ويصبحوا أكثر ثراء، صاحب العشر يبغي عشره مائة وصاحب الألف يبغي الألف مليونا وصاحب المليون يريد مليارا وهكذا كجهنم يقال لها هل امتلأت؟ وتقول هل من مزيد؟ فهؤلاء اللي المفروض يحموا الشعب بيسرقوا الشعب، في مثل مصري معروف يقول لك "حاميها حراميها" ويقول الشاعر العربي
وراعي الشاة يحمي الذئب عنها
فكيف إذا الرعاة لها ذئاب؟
الراعي المفروض يحمي إذا كان هو نفسه كيف يؤمن على الرعية؟

*********************

أحكام في أعوان الظالمين وحماتهم والمبررين لهم


عثمان عثمان: نعم مولانا جاءني عبر البريد الكثير الكثير من الأسئلة المشاهدون يحملون فئة من العلماء يطبلون ويزمرون للحكام يبررون لهم ظلمهم وأفعالهم تحت مبرر يعني ما باليد حيلة، تحت مبرر إن لم تستطع قول الحق فلا تمدح الباطل، علما أن التاريخ الإسلامي يشهد بأن العلماء كانوا دائما قواد الثورة ضد الظلم، ما مسؤولية العلماء في مثل هذه الحالة؟

يوسف القرضاوي: إذا كنت لا تستطيع قول.. هذه حكمة طيبة، فعلا هؤلاء إذا كانوا لم يستطيعوا أن يقولوا الحق فلا يمدحوا الباطل ولكن هو يعني المفروض أن الإنسان يقول الحق أيضا لأن في الشيطان الأخرس هو الذي يسكت عن الحق ولا يتكلم يعني هذا أفضل من الشيطان اللي بيتكلم بالباطل وبعض هؤلاء العلماء للأسف يعني ليسوا من العلماء يعني واحد أحمق من قريب في مصر قال اقتلوا محمد البرادعي واقتلوا كل من يؤيده وذكرني أنا أيضا فيمن يجب أن يقتل، ليه البرادعي؟ قال لك لأنه وقف ضد حسني مبارك، الله! طيب حسني مبارك ده مرشح نفسه ويدعو إلى انتخابات حرة وهو حسني مبارك ما حدش قال إن هو مطلوب أن يبقى إلى آخر الدهر، هو نفسه لما يجيء معاد الانتخاب حيرشح نفسه ويسمح لغيره أن.. كيف يقال هذا؟ يعني كلام لا يعقل، هناك ناس مجانين -إن شئت سمهم- أو منافقون أو يعني مخابيل لا يعرفون الدين ولا يعرفون الدنيا لا يفهم في الدين ولا يفهم في السياسة يدخل نفسه فيما لا يعرف هؤلاء هم آفة الأمة الذين يعني حذر النبي صلى الله عليه وسلم الأمة منهم أن حينما يذهب العلماء الحقيقيون يصبح هؤلاء يعني "يتخذ الناس رؤوسا جهالا فيسألون فيفتون بغير علم فيضلون ويضلون" هؤلاء ليسوا بعلماء حقيقيين، العلماء الحقيقيون هم العلماء الربانيون الذين وصفهم الله في القرآن بقوله {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ..}[الأحزاب:39] هؤلاء الظلمة يعني يريدون أن يعتمدوا على هؤلاء ويقفون في وجه كل من يقول الحق، في تونس منع أي عالم يدخل تونس في فترة من الفترات لا يدخل أي عالم أو داعية ولا يدخل كتاب إسلامي ولا تدخل مجلة إسلامية ولكن ربنا سبحانه وتعالى ابتلاهم بما ليس في حسبانهم بالشريعة والحياة دخلت عليهم غصبا، هم يمنعون دخول القرضاوي وأمثال القرضاوي، الشريعة والحياة الناس كانوا في تونس يوم الأحد ينتظرون هذه الشريعة هي التي تقول كلمة الحق وتوصل لهم كلمة الحق..

عثمان عثمان: هناك الكثير من هذا الكلام على الفيس بوك وعلى الإيميل يشكرونكم على مواقفكم ويشكرون هذا البرنامج على ما يقدمه من ثقافة لأبناء العالم الإسلامي.

يوسف القرضاوي: وأنا الحقيقة يعني أشكر في هذه المناسبة قناة الجزيرة على ما قامت به في خدمة قضية تونس ومتابعة هذه القضية وإبرازها للناس وهناك قنوات أخرى إنما اللي قامت بالقدح المعلى حقيقة هي قناة الجزيرة يجب أن نعترف بهذا ولذلك قناة الجزيرة قذى في أعين الطغاة والظلمة وأعداء الإسلام يكرهون هذه الجزيرة وستظل الجزيرة رغم أنوفهم إن شاء الله.

عثمان عثمان: مولانا هناك أنظمة سياسية استبدادية أمنية دائما تجثم على صدور شعوبها لعشرات السنوات، القرآن الكريم يقول {..فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ}[إبراهيم:13]، البعض قد يستبطئ نصرة الله تعالى لهؤلاء المستضعفين ويقولون لماذا لا يهلك الله الظالمين؟

يوسف القرضاوي: شوف كل شيء يعني له أوان، الناس يقولون "يمهل ولا يهمل" يعني ربنا يملي كما قال {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}[الأعراف:183]، {..سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ}[الأعراف:182]، وكما يقول الناس يقولون لك "يا ظالم لك يوم مهما طال اليوم" الظالم له يوم وربنا لا يعجل بعجلة أحدنا، له وقت معين {وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاء أَجَلُهَا..}[المنافقون:11] إذا جاء أجلهم الأمم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، ولكن أيضا لا بد أن الأمة تنضج وتستحق النصر لازم الأمة تعمل شيئا، لماذا استحق الشعب التونسي هذا النصر والتخلص من الطاغية في وقت قياسي؟ لأنه قدم وبذل وضحى ولم يبال بالأرواح تزهق في سبيل الله ولم يستيئس يعني مزايا هذه الحركة التي قام بها أنها استمرت، في ناس بعد يومين ثلاثة يسلمون، لا، ما سلموش حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه، فلا بد أن تقف الشعوب، في شعوب بتمشي وراء الظالمين فما تستحقش وهذا ما ذكره القرآن ذكر عن الناس اللي مشوا وراء.. {..فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ}[هود:97]، {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ}[الزخرف:54]، {..إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ}[القصص:8] شوف جنودهما، طيب الناس يمكن يقول لك أنا عبد المأمور، لا ما فيش عبد المأمور، أنت عندك عقل يعني مسلم يقتل المسلم؟! هو لم يأت بجريمة حتى يقتله يعني حتى لو أمِر بالقتل يقول أنا لا أقتل إنسانا مدنيا بريئا، أضرب بالعصا معلش مسيل للدموع بالكذا إنما الرصاص الحي يوجه إلى الصدور صدور الأبرياء الآمنين المدنيين هذا ينبغي أن يرفض ولذلك أعوان الظلمة مع الظلمة في النار. يحكون عن الإمام أحمد أنه لما أدخل السجن في المحنة المعروفة محنة خلق القرآن وعذب ما عذب فالسجان قال له مرة يا أبا عبد الله هل الأحاديث اللي وردت في أعوان الظلمة وأنهم في جهنم هل الحديث حديث صحيح؟ قال له نعم صحيح، قال له وهل تراني من أعوان الظلمة؟ قال له لا لست من أعوان الظلمة إن من أعوان الظلمة هو من يطهو له طعامك هو من يغسل لك ثوبك هو من يقدم لك خدمة هذا من أعوان الظلمة أما أنت فمن الظلمة أنفسهم. فكثير من الناس هم ظلام لأنهم جلادون هم عصا الظالمين وسياط الظالمين بهم يستقوون على الشعوب فهؤلاء معهم في جهنم {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا، رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً}[الأحزاب:67، 68] القرآن يقول {..قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ..} أنتم معهم في جهنم {..وَلَـكِن لاَّ تَعْلَمُونَ}[الأعراف:38].

عثمان عثمان: الأخ غسان من تونس يسأل عن حكم حماية الظالمين وتأمين المأوى لهم.

يوسف القرضاوي: لا يجوز أن يعني يُحمى الظالمون ولكن إذا كان الأخ يعني يشير إلى المملكة السعودية فالمملكة السعودية هي لم تحم الظالمين الآن، هم اشترطوا عليه أن يأتي لا يتكلم ولا ينشط أي نشاط سياسي ولا يتصل بأحد ولا يتصل به أحد فهو سجين هو أصبح كما سجن الأبرياء والأحرار أصبح سجينا ولكن كنا نود أن المملكة العربية تتطهر منه لا تسمح له يعني بدخولها إنما السؤال بصفة عامة لا يجوز للإنسان أن يحمي ظالما لا يجوز له أن يؤمن ظالما أو يتستر عليه أو يكون يعني خادما له في أي شيء من الأشياء، إذا كان القرآن يقول {وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} يعني اللي بيركن والركون مجرد ميل القلب مش عمل فعلي بس الميل، إذا عمل هذا تمسه النار ويفقد ولاية الله له ويفقد نصرة الله له ويكون مع الظالم في الآخرة في جهنم والعياذ بالله.

عثمان عثمان: في دقيقة مولانا وأعتقد الموضوع يعني سيأخذ خمس دقائق ولكن نحاول أن نختصر في دقيقة واحدة، البعض يحمل المسؤولية إلى الأجهزة المحيطة بالرئيس أو بالمسؤول أو بالزعيم باعتبار أنه بعيد عن الشعب ولا يدري ما يجري من فساد، هل لهذا الزعيم أن يكون بهذا الموقع فعلا أم أن عليه مسؤولية كبيرة؟

يوسف القرضاوي: من قال إنه بعيد عن الشعب؟ هو يدعي أنه من الشعب والشعب منه وأنه قريب من الشعب وأنه يعرف أمور الشعب، هذا ليس يعني عذرا هذا عذر أقبح، "إنت كنت لا تدري فتلك مصيبة أو كنت تدري فالمصيبة أعظم" هؤلاء هم مثل السوء يعني كما قال واحد عن سيدنا عمر يعني هو قال يعني إن سيدنا عمر مدح الناس الذين جاؤوا بالغنائم وهي غنائم نفيسة جدا وقال يعني هؤلاء أدوا ما عليهم فقالوا يا أمير المؤمنين عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا، هو الحاكم هو قدوة لشعبه في الخير وفي الشر فهؤلاء لم يكونوا قدوة إلا في الشر والعياذ بالله.

عثمان عثمان : أعتقد أن الموضوع بحاجة إلى حلقة ثانية أقله، ما بقي معنا من محاور وما جاءتنا من أسئلة المشاهدين الذين أعتذر منهم لعدم الإجابة على إسئلتهم. في ختام هذه الحلقة أشكركم مولانا فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي على هذه الإفاضة الطيبة كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، أنقل لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل وهذا عثمان عثمان يترككم بأمان الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

No comments:

Post a Comment